كتب ترافيس بي. ماونتن في الموقع الالكتروني لكلية الزراعة والعلوم البيئية بجامعة جورجيا أن مصطلح "إدارة الوقت" في جوهره مضلل، فالوقت لا يمكن التحكم فيه، بل تُدار الأحداث التي تعيشها بالنسبة إليه. فكل يوم يمنحك 24 ساعة فقط، أي 1440 دقيقة، أو 86,400 ثانية، وما تصنعه في هذا الإطار يعتمد على مهارات التحليل الذاتي والتخطيط والانضباط. يشبّه الكاتب الوقت بالمال: ثمين ومحدود، ويحتاج إلى حماية واستثمار حكيم وتوزيع مدروس.

 

إن الأشخاص الذين يُتقنون إدارة وقتهم غالبًا ما يكونون أكثر إنتاجًا، وأقل توترًا، ويتمتعون بطاقة أكبر ووقت فراغ أوسع، ويشعرون برضا نفسي أكبر. فإتقان إدارة الوقت لا يتعلّق بزيادة الساعات في اليوم، بل بكيفية استثمارها بما يحقق التوازن بين المهام الضرورية والأهداف الشخصية.

 

تبدأ أولى الاستراتيجيات بمعرفة كيفية إنفاق الوقت. يدعو ماونتن إلى تسجيل الأنشطة اليومية على فترات قصيرة لمدة أسبوعين، وتحليل النتائج لمعرفة أكثر الأوقات إنتاجية وأكثر المهام استهلاكًا للوقت. هذه الممارسة تساعد على اتخاذ قرارات أكثر واقعية بشأن توزيع الأنشطة وتقدير الجهد المطلوب لإنجازها.

 

تليها استراتيجية تحديد الأولويات. يشرح الكاتب أن التمييز بين المهم والعاجل أساس في إدارة الوقت، فالكثير من الناس يسمحون للمهام العاجلة بالسيطرة على يومهم، بينما تتراجع المهام المهمة طويلة الأثر. يعتمد ماونتن على نموذج ستيفن كوفي لتقسيم الأنشطة إلى أربع فئات: عاجلة ومهمة، غير عاجلة ومهمة، عاجلة وغير مهمة، وغير عاجلة وغير مهمة. ويشجّع على تركيز الجهد في الفئة الثانية — المهم وغير العاجل — لأنها تخلق تأثيرًا طويل المدى وتمنح إحساسًا أكبر بالسيطرة على الوقت.

 

ويؤكد الكاتب أهمية استخدام أدوات التخطيط اليومية مثل المفكرات أو التطبيقات أو التقويمات الرقمية، فهي تساعد على تفريغ الذهن وتنظيم الأولويات. ويُوصي بالالتزام بأداة واحدة وتحديثها باستمرار لضمان الاتساق بين المهام والمواعيد. التطبيقات الحديثة — كما يذكر — تنقسم إلى فئات مثل أدوات تتبع الوقت، وأخرى لتحسين الإنتاجية، وأدوات لإدارة المهام أو تطوير العادات.

 

ينتقل النص بعد ذلك إلى أهمية التنظيم الشخصي، مشيرًا إلى أن الفوضى المكانية أو الذهنية تضعف التركيز وتستهلك الوقت دون وعي. لذلك يُنصح بفرز الأغراض إلى ما يُحتفظ به أو يُتخلّى عنه أو يُتبرع به. أما في الحياة الرقمية، فيقترح نظامًا لإدارة البريد الإلكتروني والمعلومات الواردة باستخدام الألوان أو التصنيفات لتسريع عملية المتابعة.

 

أما عن جدولة المهام، فيرى ماونتن أن التخطيط الذكي يعني أكثر من مجرد إدراج المواعيد. فهو يشمل تخصيص فترات للإبداع والراحة، وتحديد ساعات الذروة الشخصية لإنجاز المهام الأكثر تطلبًا. ويقترح ترك جزء من اليوم دون جدول لتجنّب الإرهاق وإتاحة مساحة للتفكير المرن.

 

فيما يخص التفويض، يشير الكاتب إلى أن نقل بعض المسؤوليات إلى الآخرين يوفّر وقتًا للأعمال التي تتطلب خبرتك المباشرة. المهم هو اختيار الشخص المناسب للمهمة، وتحديد التوقعات بوضوح، ومتابعة التقدّم دون التدخل المفرط. كذلك يمكن "شراء الوقت" من خلال دفع مقابل لخدمات توفر الجهد مثل التنظيف أو التوصيل.

 

ومن بين العقبات الكبرى أمام إدارة الوقت، يعالج النص مشكلة التسويف، مقترحًا مبدأ "ابتلاع الضفدع الكبير أولًا"، أي البدء بأصعب المهام في الصباح. ويمكن أيضًا تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة في أسلوب "كرة الثلج"، ما يجعل الإنجاز التدريجي أسهل ويمنح دافعًا للاستمرار.

 

ويُبرز المقال ضرورة تجنّب مضيعات الوقت مثل الدردشات الطويلة أو التنقل المستمر بين التطبيقات أو الاجتماعات غير الضرورية. فحتى تعدد المهام — الذي يظنه البعض علامة على الكفاءة — يقلل الإنتاجية كما أثبتت دراسات علم النفس الإدراكي. التركيز على مهمة واحدة، يقول الكاتب، يعزز جودة الأداء ويقلل الأخطاء الناتجة عن التشتت.

 

أما الاستراتيجية الأخيرة فتتمحور حول العناية بالصحة الجسدية والذهنية، لأنها أساس إدارة الوقت بفعالية. ينصح ماونتن بتقليل التعرض للشاشات، وضبط أوقات النوم، وتخصيص فترات للاسترخاء. إذ أظهرت دراسة لشركة Google عام 2019 أن تحسين العافية الرقمية انعكس إيجابًا على شعور 80٪ من المشاركين بالرضا العام.

 

وفي الختام، يشدد الكاتب على أن إدارة الوقت ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لحياة أكثر توازنًا وسعادة. فالتقييم المستمر لما تحقق من إنجازات، ومدى التوازن بين العمل والحياة الشخصية، هو ما يحدد فعالية الاستراتيجيات المتبعة. النجاح في إدارة الوقت يعني النجاح في إدارة الذات — والاثنان معًا يحددان جودة الحياة بأكملها.

 

https://fieldreport.caes.uga.edu/publications/C1042/time-management-10-strategies-for-better-time-management/